أدرياني أغاتا:
عندما بدأت البحث عن الفريق الذي يعمل على مهرجان تصوير، اطلعتُ على مجمل خبرتك وخلفيتك، ووضحت لي فكرة أنّ سبب وجودك هنا منطقياً للغاية. في بعض الأحيان نلتقي بأشخاص لا نعرف شيئاً عنهم ولكننا نعلم أنّهم يعملون على مشاريع كبيرة. عندما أجريت البحث دار في بالي، نعم هذا هو سبب وجودها هنا، فهي ليست أيّ شخص، عليك أن تختار شخصاً سيترك أثراً إيجابياً للغاية في المهرجان. ، ثم أكملت بحثي عن الجميع وكان ذلك رائعاً حقاً! لذلك أردت أن أعرف، كيف تعتقدين أنه يمكنك المساعدة في المهرجان وإنشاء عمل إيجابي للمجتمع الإبداعي الذي من المرجّح أن يعيش أكثر منّا؟ وعلى أي مرحلة في مشوارك المهنيّ تعتمدين؟
شارلوت كوتن:
كان عمري ستة وعشرون عامًا عندما أصبحت قيمة متحف فيكتوريا وألبرت، عملت هناك لاثني عشر عامًا. ثمّ عملت رئيسة قسم البرامج في معرض المصورين، ورئيسة قسم التصوير في متحف مقاطعة لوس أنجلوس للفنون. لقد سقطت نوعًا ما من منحدر في عام ٢٠١٢ تقريبًا، وفجأة أصبحت قيمة معارض مقيمة هنا وهناك أتجول بسرعة كبيرة. تعود العلاقة بين تنسيق ما يعرف بالمتاحف وصالات العرض المرموقة وممارسات التحول السريع لإعادة التفكير في مؤسسة ما إلى متحف فيكتوريا وألبرت. عندما بدأت، كان متحف فيكتوريا وألبرت محاصراً من جميع النواحي، كانت برامج وفعاليات المتحف تكلّف الكثير. ذات يوم تسرّبت أسطح المتحف وكان يوجد الكثير من القطع الفنية التي يتعذّر الوصول إليها في المخزن ولكن على الرغم من صعوبة هذه الفترة إلا أنها كانت مليئة بالأفكار الرائعة لي ولغيري من قيمين المعارض الشباب، إذ كان بإمكاننا تحقيق أي شيء بتمويل ضئيل للغاية في أكثر المناطق المهملة في المتحف. لم يمكن ليوقفنا أحدٌ؛ كنّا مبدعين للغاية. وفي منتصف التسعينات بدأنا بجدولة برامج للمتحف لوقت متأخر من الليل. سيطر الفنانون والمبدعون على المتحف مما أدى إلى تنشيط الفضاء الفني العام بأشياء بهية.
وبكل براءة، كان هذا نوعًا من ممارسة تنظيم “حرب العصابات” التي كانت تستجيب حقًا لما يحدث في العالم الإبداعي. كان هذا نمطًا متكررًا في حياتي، في بعض الأحيان، يكون هذا أفضل من أي شيء بالنسبة لي، وفي أحيان أخرى يكون الأمر سيئًا للغاية. عندما تنظر إليَّ إحدى المؤسسات وتقول: “أوه، إنها الشخص الذي يجب إحضاره لتغيير أمر ما والعمل على إنجاحه وجلب بعض الطاقة والفكر في ما نحاول القيام به وما يحتاج إلى التغيير”، ثم أصل إلى هناك فيقولوا: "أوه لا! لم نرغب في هذا القدر من التغيير!” يمكن أن يكون هذا حقا مزريًا بالنسبة لي. ثم هناك لحظات - مثل هذه اللحظة في الدوحة - حيث الكرة في الملعب وكل شيء ممكن. عندما قابلت سمو الشيخة المياسة لأول مرة، كان وصفها وتجسيدها لما يمكن أن تكون عليه الثقافة وما يمكن أن تفعله ملهمًا تمامًا، وأيقنت في نفسي وقتها: “أريد أن أكون جزءًا من هذا المشروع!".يبشر مهرجان تصوير بالتغيير المنتظر ويأتي التغيير مع تعقيداته كما هو الحال بالنسبة لأي مشروع سريع يتم تطويره في الأساس في أثناء الجائحة التي نعيشها. عندما تضيف هذه العوامل الصعبة معًا، يكون من المفهوم حقًا سبب وجود الطريق الطويل الذي نقطعه نحن الآن قبل أن نصل إلى نقطة إقناع الجميع، ولكن في أثناء ذلك، عليك تطوير قدرة قوية على استيعاب ألم هذا النوع من التغييرات الثقافية السابقة لأوانها.. في بعض الأحيان، يكون الرفض في أثناء سير العمل هو بالضبط ما تحتاجه، عليك أن ترد على الانتقادات والشكوك باستمرار وأن تجعل أفكارك أكثرقوة. إلى حدّ ما، ينطبق هذا على أي مشروع طموح يواجه المستقبل. لقد تعلّمت أن أكون وصيةً ثابتةً وحازمةً على سبب محاولتنا القيام بأعمال ثقافية.
تعريفي لكوني قيّمة معارض بسيط حقًا، إنه القيام بأشياء لأشخاص آخرين. أنا أعمل مع الكثير من الفنانين الذين يستخدمون بنية تقييم لأعمالهم. لهذا السبب أحب العمل مع الفنانين الذين يقومون بإنشاء هياكل خاصة بهم، مثل فوتو آرت قطر، وظيفتي كقيّمة للمعارض هو القيام بمهام محددة لأشخاص آخرين، لذا عليَّ أن أظل على اتصال حقيقي بهذه المهمة. أنا كشخصية مؤسسية ليس عملي أن أمدك بالمعرفة أو الاعتراف بأعمالك. أعطيك مثال، إذا أخبرتك أني سأضع هذه الكراسي في دائرة، هل ستأتي وتنضم إلي؟ سأوفر لك احتياجاتك الفكرية والمادية التي تحتاجها حتى نتمكن من الذهاب في رحلة سويًا، وهذا هو وعد مهرجان تصوير وهدفنا الأسمى.نحن في بداية الرحلة وهي حقًا محددة مسبقًا ومحلية ذات مستوى واحد، التحدي هو أن يبقى مهرجان تصوير على هذا النحو مع مواصلة التطور محليًا وإقليميًا وعالميًا. إنّها حقًا لحظة غاية في الأهميّة في هذا المكان المحدد. سيتّصل أحدنا بالأخر بعد ١٠ سنوات وسيقول: "هل رأيت ما فعلوه لما صنعناه بشكل جميل؟!"، وسنكون غاضبين. أو سنرى أن البذور التي زرعناها قد أثمرت فعلاً.
أريد أن يكون مهرجان تصوير شاملاً في منظوره إزاء مجال التصوير الفوتوغرافي. فالتصوير الفوتوغرافي نشاط منخرط للغاية في كل ما تمّ التخطيط له منذ أولى بداياته. وفي الوقت عينه، هو شكل من أشكال الفنون وصناعة إبداعية والوسيلة المستخدمة لمعظم عمليات التواصل البصري بيننا. فهو يعمل عمل الشاهد ويحتلّ موقعاً وثيقاً في حياتنا اليومية وفي خدمة السياسة والمراقبة والإمبريالية والرأسمالية. وعندما كنت قيّمة معارض شابةً حين كان عملي يقع في سياق المحافظة على أشكال الثقافة المادية والبصرية كافة ورعايتها، كانت لي الحرّية لاعتناق كلّ أوجه التصوير الفوتوغرافي. ولا أريد، بحكم طبعي، أن أنشئ تراتبية أخرى تضع أشخاصاً في مرتبة أعلى من آخرين لأنّ المهم هو ما نتشاركه، وبصراحة، لم يبقَ لدينا سوى ذكائنا. بالتالي، حريّ بنا أن نتعاون ونتعلّم طريقة تعديل الصور وترتيبها وسرد القصص بواسطتها. وحري بنا أن نكون مجهّزين جيداً للمواقف التي وضعها العالم وسيضعها في طريقنا.
وعندما ينجح هذا الأمر، فإنّ عظمة ما يمكننا تحقيقه كمجوعة من الناس في شبكة أفقية عموماً أمر مذهل. من المبهر ما يمكننا تحقيقه عندما نفكّر معاً ونضع نصب أعيننا الهدف ذاته. ونشعر إلى حدّ بعيد بهذه الطاقة ذاتها هنا. ولهذا السبب، حتّى في الوقت الراهن، في الوقت الذي لا أنام فيه أكثر من ثلاث ساعات في الليلة، أتذكّرالنعم التي أحظى بها لوجودي هنا في هذه اللحظة بالذات. وحتّى في هذه اللحظة، في جلوسي هنا معك، أتساءل في نفسي: “أوليست الحياة مذهلة”؟
أدرياني أغاتا:
ما برز بالنسبة لي هو تقبلك الرفض. أعتقد أنّ كل الأحداث تبدو مترابطة الآن عندما حدثتني عن رحلتك وكيف قوبلتِ بصدمة الناس ورفضهم الفوري. هذا أوصلك في الواقع إلى ما أنت عليه الآن كقيّمة معارض وشق طريقك الخاص. الآن تتضح لي الفكرة في أنه عندما يتم رفضك تتسع آفاق حريتك.
شارلوت كوتن:
نعم تمامًا إنها نفس التجربة التي يمر بها أغلب الفنانين، أنا متأكدة
أن بوسعك أن تتفهمي ذلك.
أدرياني أغاتا:
لذا يُمكّنك الرفض المستمر أن تفعلي ما تريدين، وهذا هو ما دفعني أساسًا إلى البدء بالتصوير، ربما منذ ثلاث سنوات؟
شارلوت كوتن:
عجباً! منذ ثلاث سنوات فقط؟
أدرياني أغاتا:
نعم، قمت بتجربة مجالات لم تكن مناسبة لي واستمر رفضي وفكرت كثيرًا، لماذا يتم رفضي؟ يحصل الجميع على وظائف مناسبة ويعملون في المكاتب، لماذا لا أحصل على هذا؟ لذلك استسلمت وجربت شيئًا مختلفًا وأنا سعيدة جدًا بما أنا عليه الآن، لذلك أعتقد أنّ كل شيء مترابط حقًا، فعندما يكون لديك مثل هذه المؤسسة الكبيرة جدًا بحيث تطغى على الإبداعات المحلية، يعتقد الناس أنه لا يمكنهم الوصول إلى هناك ولا يمكنهم عرض إبداعاتهم.
شارلوت كوتن:
صحيح.
أدرياني أغاتا:
لذلك أعتقد أنه يجب أن يكون هناك بعض الدعم للأشخاص التائهين الذين لا يشعرون أنهم مناسبون في هذه المؤسسات، صحيح؟ وهنا يتعرّضون للرفض وربما يستطيع مهرجان تصوير تمكين هؤلاء الذين تم رفضهم.
شارلوت كوتن:
نعم بالتأكيد.
أدرياني أغاتا:
إنهم يريدون خلق عمل ما، لديهم صوت لكنهم لا يعرفون كيف يمكنهم أن يجعلوه يصل إلى الناس.